سلطت النسخة الثانية عشرة من معرض فارماكونكس لصناعة الأدوية فى مركز مصر الدولي للمعارض بالقاهرة خلال الفترة من 1 إلى 3 سبتمبر 2025، على 5 ملفات مهمة، تصدرتها الجهود الحكومية ودور القطاع الخاص لتعزيز التصنيع المحلي، وتطوير سلاسل التوريد، إضافة إلى زيادة المخزون الاستراتيجى، إلى جانب العمل نحو الاكتفاء الذاتى فى الدواء داخل السوق المحلية.
كما أبرز حجم الصناعة فى السوق، والتى تجاوزت حاجز الـ %90، من إجمالى الأصناف المتداولة، عبر أكثر من 170 مصنعًا مرخصًا بطاقة إنتاجية سنوية تتجاوز 150 مليون عبوة دوائية.
أقيم المعرض، تحت رعاية وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وشكل هذا الحدث منصة إقليمية، تعكس التزام الدولة برؤية الصحة الوطنية 2024 - 2030، التى تهدف إلى تعزيز توطين الصناعة الدوائية، وتحقيق الأمن الدوائى فى البلاد، خاصة أنه احتضن مختلف مراحل سلسلة القيمة من موردى المواد الفعالة إلى مصنعى المعدات والتغليف.
40 دولة مشاركة
وبحسب الشركة المنظمة شارك فى المعرض أكثر من 350 عارضًا من 40 دولة، وهو ما أبرز الطابع الدولى والإقليمى للمعرض، خاصة أن عدد الزوار تجاوز الـ 13.500، من مختلف دول العالم، بإجمالى جلسات تجاوز الـ 70 جلسة، تناولت محاور مهمة مثل: التصنيع المعقم، التحول الرقمى، إدارة سلاسل الإمداد، الهندسة الدوائية، وضمان الجودة.
وغطت النسخة الأخيرة مجموعة متنوعة من قطاعات صناعة الأدوية، أبرزها: المكونات الدوائية الفعالة (APIs) والأدوية الجنيسة، والبيوفارماسيوتيكال، ومعدات المختبرات، والمواد الكيميائية الدقيقة والمواد المساعدة، والمكملات الغذائية، علاوة على مواد التغليف، وغرف التعقيم، والآلات وعمليات التصنيع، والتصنيع بالتعاقد.
أبرز الفعاليات
وشهد المعرض جلسات، بغرض توفير فرص تطوير المعرفة والتواصل مع خبراء الصناعة، وبرامج حكومية ومبادرات لتعزيز توافر الأدوية، مثل توطين المواد الخام غير الفعالة، ودمج مصر فى منظومات الاعتماد المرجعى الإقليمى.
وتضمن المعرض أكثر من 70 جلسة مؤتمرية وورش عمل، إذ غطت مواضيع حيوية مثل التصنيع المعقم، التحول الرقمى، إدارة سلاسل الإمداد، الهندسة الدوائية، وضمان الجودة.
ومن أبرز الفعاليات التى شهدها المعرض، مؤتمر تكنولوجيا غرف التعقيم بالتعاون مع خبراء أوروبيين للنقاش حول أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة فى هذا المجال، علاوة على مؤتمر لدعم التنوع وتعزيز الريادة النسائية فى الصناعة، وورش عمل تقنية ومهنية متخصصة ضمن مسار المعرض.
تعاون إقليمى من أجل الاستثمار
كما استضاف المعرض جلسات مائدة مستديرة للتركيز على فرص التعاون الإقليمى والاستثمار، بمشاركة قيادات القطاعين العام والخاص والجهات التنظيمية والمستثمرين والشركات متعددة الجنسيات مناطق جديدة وميزات المعرض.
ظهر لأول مرة ملف “الصحة والعافية” بالشراكة مع الهيئة القومية لسلامة الغذاء، لعرض المكملات الغذائية ومنتجات الصحة المتنوعة، وهو ما كان له أثر فى إثراء المشاركة والحضور والفاعلية.
كما تضمن المعرض، برنامج اللقاءات المسبقة لتمكين فرص التعاون التجارى المباشر، وبرنامج VIP لتسهيل اللقاءات الرفيعة المستوى، وفعاليات Pharma Awards لتكريم أبرز الإنجازات والابتكارات فى مجال الأدوية.
نظم المعرض بواسطة Informa Markets، لكن الحضور اللافت كان لسلطنة “عمان” والتى شاركت كراعٍ إقليمى، وهو ما انعكس بشكل كبير على اهتمامات المستثمرين، وتوسيع نطاق التعاون الإقليمى.
كما تعاون المعرض رسميًا مع سلسلة معارض CPHI العالمية، إلى جانب مشاركات فاعلة من هيئات مثل: EVA Pharma، UGC Pharma، Colorcon، وSukhtian Pharma.
صادرات وأهداف الدولة
بلغت صادرات مصر الدوائية نحو 1.5 مليار دولار فى السنة المالية 2024/ 2025، مع هدف للوصول إلى 3 مليارات دولار بحلول 2030، وهو ما اعتبره عدد من المشاركين فى المعرض، وعلى رأسهم الدكتور محيى حافظ رئيس المجلس الوطنى للتصدير الدوائى، أن مثل هذه الفعاليات من شأنها أن تعزز حجم الصادرات.
وقال الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، إن معرض فارماكونكس، تناول خطط الاستثمار والتوسع فى إنتاج الأدوية الحيوية، وتيسير إجراءات التسجيل والتسعير، فى إطار تعزيز الاكتفاء الذاتى، واستقطاب أسواق التصدير الإقليمية والدولية.
وأضاف عبدالغفار فى تصريحات لـ”المال”، أن ما حققته مصر خلال السنوات الأخيرة فى قطاع الدواء من نجاحات ترتب عليه الوصول بحجم الأدوية التى تم توطينها لما يتجاوز الـ %90 من إجمالى الأصناف المتداولة فى السوق، أصبح حديث الكثيرين.
واعتبر، متحدث الصحة، أن مصر تسعى وبشكل كبير ومن خلال جميع الأطراف المشتركة لتعزيز وتطوير الصناعة الدوائية، بهدف الدخول إلى الأسواق العربية والأفريقية وبعض دول أوروبا وأمريكا الشمالية بشكل كبير.
واعتبر أن ما تحقق من نجاحات من شأنه أن يساهم فى تعزيز فاتورة الصادرة المصرية من الدواء، ويضع مصر على خريطة الدول المنتجة والمطورة للعلاجات، خاصة أن هناك العديد من المشروعات التى يتم العمل عليها، خلال المرحلة الحالية.
تغطية احتياجات السوق من اللقاحات
وأوضح أن مصر لديها طموح فى أن تقوم بإنتاج اللقاحات بما يغطى احتياجاتها واحتياجات السوق العربية والأفريقية، ضمن خطة تعمل عليها بالشراكة مع العديد من الأطراف المحلية والدولية، بخلاف المساعى الكبيرة نحو توطين وتطوير العلاجات البيولوجية.
واختتم بالتأكيد على قوة الصناعة الدوائية المصرية، والتى تسير بشكل جيد ما قد يترتب عليه خلال المرحلة المقبلة تحقيق المزيد من النجاحات وزيادة فاتورة التصدير، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطنى.
من جانبه، قال الدكتور محيى عبيد، رئيس مجلس إدارة شركة عبيد فارما للأدوية، إن معرض فارماكونكس 2025 يعد من أبرز الأحداث الدوائية فى المنطقة، ويعكس طموح مصر فى أن تكون مركزًا إقليميًا لصناعة الدواء، وذلك بعد تصدر بعض دول المنطقة الدور الريادى فى الصناعات الدوائية.
وأضاف عبيد فى تصريحات لـ”المال”، إن الفاعلية من شأنها أن تساهم فى تعزيز التصنيع المحلى، فالمعرض يدعم جهود الدولة فى توطين صناعة الدواء. إذ تنتج مصر بالفعل أكثر من %90 من احتياجاتها الدوائية عبر أكثر من 170 مصنعًا.
كما أنه يعد منصة دولية للتعاون، وهو ظهر من خلال حجم الكيانات المشاركة والتى وصلت لأكثر من 300 شركة من 30 دولة، مما يفتح آفاقًا للشراكات والتصدير، خاصة نحو إفريقيا والشرق الأوسط.
واستكمل، كما أنه يساهم فى نقل التكنولوجيا والابتكار، إذ يربط المصنعين المحليين بكبار مزودى التكنولوجيا العالمية فى مجالات مثل التصنيع والتغليف، التعبئة، الغرف العقيمة، وسلاسل الإمداد.
واعتبر أن الفعالية ومن خلال ما شهدته من مؤتمرات تعليمية وتخصصية، تجاوزت الـ 30 جلسة تغطى موضوعات حيوية مثل التصنيع المعقم، التحول الرقمى، إدارة الجودة، وهندسة الصناعات الدوائية، وتؤكد على القيمة المضافة للمعرض.
دعم لمكملات الصحة العامة
وأوضح أن النسخة الحالية شهدت وجودًا ودعمًا كاملًا لقطاع المكملات والصحة العامة، من خلال إطلاق قطاع خاص بالمكملات الغذائية بالتعاون مع الهيئة القومية لسلامة الغذاء، ما يعكس نمو هذا السوق محليًا، علاوة على تمكين المرأة والتنوع المهنى، من خلال مبادرات مثل “المرأة فى قطاع الأدوية” لتعزيز الشمولية، وفتح المجال لقيادات جديدة.
غياب التمثيل النقابي
وحول السلبيات التى شهدها المعرض قال عبيد، لعل أبرزها هو غياب التمثيل النقابى الفعال، فعلى الرغم من أهمية المعرض، لا يظهر فيه دور واضح للنقابات المهنية حتى ولو من باب مناقشة التحديات التشريعية، ضمن الجلسات التى شهدها المعرض.
كما أنه يركز على الشركات الكبرى، وهو ما قد يهمش دور الشركات الصغيرة أو الناشئة التى تحتاج دعمًا أكبر فى التصدير والتكنولوجيا، بالإضافة لضعف الربط الأكاديمى، خاصة أنه لا توجد إشارات قوية لمشاركة الجامعات أو مراكز البحث العلمى، مما يضعف فرص الابتكار المحلى.
واستكمل، كما أن المعرض كان يفتقر للدور التوعوى الخاص بالمجتمع، وهو ما يظهر بشكل واضح ولا يبدو أنه يخاطب الجمهور العام أو يرفع الوعى الصحى، رغم أهمية ذلك فى تعزيز ثقة المواطن بالمنتج المحلى.
وتوقع رئيس مجلس إدارة عبيد فارما، أن يكون لإشراك النقابات المهنية والقيادات العلمية فى جلسات حوارية حول التشريعات، وحقوق الصيادلة، وتطوير التعليم الصيدلى، دور كبير فى تعظيم الدور المهم للمعرض.
وطالب بضرورة، إطلاق منصة توظيف وتدريب داخل المعرض، تربط الشركات بالخريجين والمهنيين، وتعرض فرص العمل والتدريب، وتخصيص جناح للابتكار المحلى يعرض مشاريع طلابية، أبحاث جامعية، وأفكار ريادية فى مجال الدواء والمكملات.
كما طالب أيضًا، أن يتم تنظيم حملات إعلامية وطنية بالتعاون مع وزارة الصحة وهيئة الدواء وهيئة سلامة الغذاء لرفع الوعى بأهمية التصنيع المحلى وجودة المنتج المصرى، بالإضافة لتوسيع المشاركة الإقليمية عبر دعوة وزارات الصحة العربية، وهيئات الدواء وتوقيع اتفاقيات تعاون وتبادل خبرات، وإطلاق جائزة وطنية للتميز الصيدلى تمنح لأفضل مبادرة علمية أو مجتمعية فى مجال الدواء، ما يعزز روح المنافسة والابتكار.
زيادة الاعتماد على الموردين المحليين
من جانبه، قال الدكتور أحمد عليوة، مدير العلاقات العامة بشركة إيفا فارما، إن معرض فارماكونيكس يعد ضمن أهم الفعاليات التى تشهدها المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف عليوة فى تصريحات لـ”المال” أنه تنفيذًا لخطة شركة إيفا فارما لتعميق المكون المحلى فى الصناعات الدوائية وتنفيذًا لرؤية الدولة المصرية للتنمية المستدامة مصر 2030، أطلقنا مبادرة للتوسع فى الاعتماد على الموردين المحليين لتوفير المواد الأولية اللازمة للتصنيع الدوائى، بما يعزز من استقرار سلاسل الإمداد داخل مصر، ويقلل من فاتورة الاستيراد، على هامش المشاركة فى المعرض.
وأكد عليوة أن هذه الخطوة لا تسهم فقط فى تقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجى، وإنما تدعم الاقتصاد الوطنى بشكل مباشر عبر الاعتماد على الجنيه المصرى فى التعاملات، بما يوفر من استهلاك العملة الأجنبية، ويعزز من قوة الاقتصاد المحلى.
شراكات محلية لتعزيز القطاع
وكشف عن توقيع الشركة اتفاقيات تعاون مع أربع شركات مصرية رائدة فى هذا المجال، وهى كل من شركات: “بريميوم ألو باك، وإن سى إم بى، ويو جى سى، وأسكوم”، وذلك لتوفير المواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية من الداخل، بما يضمن توافرها بشكل مستمر وفعال ويعزز من استقرار الصناعة.
وأوضح أن التوجه نحو الموردين المحليين لا يقتصر على تحقيق البعد الاقتصادى فحسب، بل يمتد أيضا إلى تعزيز البعد البيئى، إذ إن تقليل استيراد المواد الأولية من الخارج يساهم فى خفض الانبعاثات الناتجة عن عمليات النقل الطويلة، وهو ما ينعكس إيجابًا على البيئة، ويعزز من جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة.
غياب لدعم “الريادية والابتكارية”
فيما قال أحد المشاركين فى المعرض- فضل عدم ذكر اسمه- إن تجربة المشاركة فى المعرض لم تكن بالشكل المتوقع، خاصة أن الشركات الصغيرة والباحثين لم يحصلوا على مساحاتها الكافية، وسط غياب إنشاء جناح خاص لدعم المساعى الريادية والابتكارية من الجامعات والمراكز البحثية وهو سيغنى المحتوى العلمى.
وأضاف فى تصريحات لـ”المال”، أن إشراك نقابة الصيادلة والهيئات الجامعية فى لقاءات وجلسات نقاشية يرفع من مصداقية المعرض، ويثرى النقاش حول التشريعات والابتكار التى تعرض خلال فترة انعقاده.
وطالب المصدر، بضرورة ضم ومشاركة أوسع للدول الإفريقية والعربية، إذ إنه بات من الضرورى استهداف الأسواق الناشئة فى إفريقيا والدول العربية عبر حملات دعائية متخصصة، مما يعزز دور مصر كمركز إقليمى للتصدير والتعاون، مشددًا على ضرورة إثراء المحتوى العلمى والمحترف من خلال مؤتمرات علمية تعليمية معتمدة لطلبة الطب والصيدلة بغرض تعزيز قيمة المعرض كمنصة معرفية ومهنية.
واعتبر أن المناظرات حول التشريعات والسياسات الدوائية، من خلال تنسيق حلقات مستديرة بمشاركة ممثلين عن وزارة الصحة وهيئة الدواء، كان من شأنه أن يقدم رؤية حكيمة معززة بالخبرة حول التسجيل والتسعير والتصدير.
وشدد على ضرورة وجود جوائز تحفيزية للابتكار البحثى، تمنح لأفضل المشاريع البحثية والصيدلانية، وهو ما سيحفز مشاركة الجامعات ويعزز من ثقافة الابتكار، علاوة على تنشيط فرص الأعمال والتعاون التجارى، مع الحرص على إنشاء منصة رقمية B2B مسبقة للقاءات الأعمال، للمساهمة فى زيادة صفقات المعرض.
واستنكر، عدم ترتيب زيارات ميدانية للمنشآت الصناعية، والتى تمكنت خلال الفترة الأخيرة من تحقيق نجاحات كبرى، ما مكنها من الحصول على اعتماد منظمة الصحة العالمية، بعد الوصول لمستوى النضج الثالث.
أحد رؤساء شركات المكملات الغذائية فضل عدم ذكر اسمه – طالب بضرورة تسليط الضوء على بدائل المواد الخام والتغليف المحلى بما يساهم فى تقليل فاتورة الاستيراد وتحقيق تكامل فى سلاسل التوريد، علاوة على ضرورة وجود بث مباشر لجلسات المعرض عبر المنصات الرقمية، وهو ما يتيح الوصول الرقمى لمخاطبة جمهور إقليمى ودولى أكبر ويضاعف من تأثير المعرض.
وأكد فى تصريحات لـ”المال” على ضرورة بث تقارير يومية ونشرات خاصة خلال المعرض بما يسهم فى نشر الوعى وجذب انتباه المستثمرين، خاصة فى الوسائل الاعلامية الاقتصادية أو المرتبطة بالشأن.
وشدد على ضرورة زيادة التركيز فى الفعاليات التى يشهدها المعرض على استخدام الطاقة المستدامة والتقليل من النفايات البلاستيكية، وتعزيز إعادة التدوير بما ينسجم مع التوجهات العالمية.
◗❙
3 مليارات دولار صادرات مستهدفة بحلول 2030
◗❙
محيى عبيد: الحدث يعزز التصنيع المحلى ويحتاج إلى دعم النقابات والكيانات الناشئة
◗❙
«إيفا فارما» تطلق مبادرة لتوسيع الاعتماد على الموردين المحليين
◗❙
مشاركة «عمان» ورعاية CPHI العالمية.. دفعة جديدة للتعاون الإقليمى فى القطاع
◗❙
الشركات الخاصة تطالب بمزيد من التمثيل الأكاديمى ودعم الابتكار داخل المعرض القادم
◗❙
